رجل من عصرنا : حمادالأنصاري

إن ما تميز به الشيخ حمّاد
الأنصاري - رحمه الله - حبَّه للكتب حيث يجمع كثيراَ من المخطوطات , وعنده
نَهَمٌ عظيم وشغفٌ كبير للكتب مع إطلاع واسع عليها , ومعرفة الفروقات بين
النسخ والطبعات والمخطوطات ..
وقد أخبر أحد أولاده عن الشيخ أنه قرأ فتح
الباري عشرين مرة وقال أيضاَ : حفظت المصباح المنير , قال الشيخ حماد عن
نفسه : لم أدخل بلد في الدنيا إلا كتبت تاريخه , وكلما رأيت مخطوطة نسختها
..
ويقول : كنت قبل مرض عينيي أقرأ جميع المخطوطات بجميع
خطوطها , ذات مرة اشترى تاريخ دمشق بسبعة آلاف ريال واشترى الكامل لابن عدي
في الرجال بألف ريال وكان راتبه في ذلك الوقت ألف ريال فقط ..
ولِكتاب ابن عدي قصة مع
الشيخ قبل أن يشتريه حيث يقول : وقفت على عشرين نسخة للكتاب ما فيها نسخة
كاملة إلا التي عندي وهى من تركيا اشتريتها من رجل تركي أتى بها إلى
المدينة وعرضها على الجامعة الإسلامية أول افتتاحها لتشتريها الجامعة ..
قال : فاعتذرت الجامعة عن
شرائها واشتراها الشيخ حمّاد مع قلة ذات يده في ذلك الوقت , فقال الشيخ
عبد العزيز ابن باز - رحمه الله - لما كان رئيساً للجامعة : عجباَ فرْدٌ
غلَبَ جماعة .
يقول الشيخ حمّاد : الكتب عندي أفضل من قصور الملوك ، ويقول أيضاَ : أعرف اليمن ولم أدخلها وكأنها أمامي ، ومما
حصل له من المواقف العجيبة الطريفة يقول : كنت قادم مرة إلى المطار ومعي
كتاب كنز العمال وهو من كتب الحديث ..
قال فلما رأوا عليه العنوان
قالوا هذا من كتب الشيوعية وأبوا أن يعطوني الكتاب حتى توسط لي أحد الوجهاء
فأخذته منهم , وقال مرة : اشتغلت بالنحو أول عمري وعهدي به الآن ثلاثين
سنة وأستطيع أن أعرب القرآن كله من ألفه إلى ياءه .
ويقول عندي إجازات علمية أي
شهادات من العلماء في كونه أنهى بعض الكتب , ويقول : عندي من المراجع
العلمية ما ليس عند غيري .

قلت : يا طلبة
العلم .. يا أهل الصبر .. هذا نموذج من عصركم .. اقتدوا به .. جاهدوا
أنفسكم فما نيل المطالب بالتمني .. ثم انظروا إلى سيرته مع الكتب وحرصه على
اقتنائها حتى ولو كان على حساب أكله وشربه ..

إنها والله الهمة العالية
والجدية الحقيقية في طلب العلم .. فهل من سائر على خطى الشيخ رحمه الله ؟

ومضة : فتشبهوا إن لم
تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال كمال

مع تحياتي
الفارس